فصل: قال في الميزان:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الفخر:

المقصود منه الوعيد، فإنا بينا أن الواحد منهم قد كان يسلم على الرجل المسلم، ثم إن ذلك المسلم ما كان يتفحص عن حاله، بل ربما قتله طمعا في سلبه، فالله تعالى زجر عن ذلك فقال: {وَإِذَا حُيّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} وإياكم أن تتعرضوا له بالقتل. اهـ.
قال الفخر:
{إِنَّ الله كَانَ على كُلّ شَئ حَسِيبًا} أي هو محاسبكم على أعمالكم وكافي في إيصال جزاء أعمالكم إليكم فكونوا على حذر من مخالفة هذا التكليف، وهذا يدل على شدة العناية بحفظ الدماء والمنع من إهدارها. اهـ.

.قال الخازن:

فصل في أحكام تتعلق بالسلام:
وفيه مسائل:
المسألة الأولى في كيفية السلام:
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لما خلق الله تعالى آدم عليه السلام قال اذهب فسلم على أولئك نفر من الملائكة جلوس فاستمع ما يحيونك به فإنها تحيتك وتحية ذريتك فقال السلام عليكم فقالوا عليك السلام ورحمة الله فزادوه ورحمة الله» قال العلماء يستحب لمن يبتدئ بالسلام أن يقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فيأتي بضمير الجمع وإن كان المسلم عليه واحد ويقول المجيب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته فيأتي بواو العطف في قوله وعليكم عن عمران بن حصين قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم فرد عليه ثم جلس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عشر ثم جاء آخر فقال وعليكم السلام ورحمة الله فرد عليه فجلس فقال عشرون فجاء آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فرد عليه فجلس فقال ثلاثون». أخرجه الترمذي.
وأبو داود وقال الترمذي حديث حسن وقيل إذا قال المسلم السلام عليكم فيقول المجيب وعليكم السلام ورحمة الله فيزيده ورحمة الله وإذا قال: السلام عليكم ورحمة الله فيقول وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وإذا قال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فيرد عليه السلام بمثله ولا يزيد عليه وروي أن رجلًا سلم على ابن عباس فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ثم زاد شيئًا فقال ابن عباس ان السلام انتهى إلى البركة ويستحب للمسلم أن يرفع صوته بالسلام ليسمع المسلم عليه فيجيبه ويشترط أن يكون الرد على الفور فإن أخره ثم رد لم يعد جوابًا وكان آثمًا بترك الرد.
المسألة الثانية في حكم السلام:
الابتداء بالسلام سنة مستحبة ليس بواجب وهو سنة على الكفاية فإن كانوا جماعة فسلم واحد منهم كفى عن جميعهم ولو سلم كلهم كان أفضل وأكمل قال القاضي حسين: من أصحاب الشافعي ليس لنا سنة على الكفاية إلاّ هذا وفيه نظر لأن تشميت العاطس سنة على الكفاية أيضًا كالسلام.
ولو دخل على جماعة في بيت أو مجلس أو مسجد وجب عليه أن يسلم على الحاضرين لقوله صلى الله عليه وسلم: «أفشوا السلام» والأمر للوجوب أو يكون ذلك سنة متأكدة لأن السلام من شعار أهل الإسلام فيجب إظهاره أو يتأكد استحبابه أما الرد على المسلم فقد أجمع العلماء على وجوبه ويدل عليه قوله تعالى: {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها} والأمر للوجوب لأن ترك الرد إهانة للمسلم فيجب ترك الإهانة فإن كان المسلم عليه واحدًا وجب عليه الرد وإذا كانوا جماعة كان رد السلام في حقهم فرض كفاية فلو رد واحد منهم سقط فرض الرد عن الباقين وإن تركوه كلهم أثموا.
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يجزي عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدكم ويجزي عن الجلوس أن يرد أحدكم». أخرجه أبو داود.
المسألة الثالثة في آداب السلام:
السنة أن يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير والصغير على الكبير.
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير» وفي رواية للبخاري قال: «من يسلّم الصغير على الكبير، والمار على القاعد والقليل على الكثير» وإذا تلاقى رجلان فالمبتدئ بالسلام هو الأفضل لما روي عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أولى الناس بالله عز وجل من بدأهم بالسلام» أخرجه أبو داود والترمذي ولفظه قال قيل يا رسول الله الرجلان يلتقيان أيهما يبدأ بالسلام قال: «أولاهما بالله» قال الترمذي حديث حسن ويستحب أن يبدأ بالسلام قبل الكلام والحاجة والسنة إذا مر بجماعة صبيان صغار أن يسلم عليهم لما روي عن أنس أنه مر على صبيان فسلم عليهم وقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله أخرجاه في الصحيحين وفي رواية لأبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على غلمان يلعبون فسلم عليهم وأما السلام على النساء فإن كن جمعًا جالسات في مسجد أو موضع فيستحب أن يسلّم عليهن إذا لم يخف على نفسه أو عليهن فتنة لما روي عن أسماء بنت يزيد قالت مر علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة فسلّم علينا أخرجه أبو داود وفي رواية الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر في مسجد يومًا وعصبة من النساء قعود فألوى بيده للتسليم قال الترمذي حديث حسن وإذا مر على امرأة مفردة أجنبية فإن كانت جميلة فلا يسلم عليها ولو سلم فلا ترد هي عليه لأنه لم يستحق الرد وإن كانت عجوزًا لا يخاف عليه ولا عليها الفتنة سلم عليها وترد هي عليه وحكم النساء مع النساء كحكم الرجال مع الرجال في السلام فيسلم بعضهن على بعض.
المسألة الرابعة في الأحوال التي يكره السلام فيها:
فمن ذلك الذي يبول أو يتغوط أو يجامع ونحو ذلك لا يسلم عليه فلو سلم فلا يستحق المسلّم جوابًا لما روي عن ابن عمر: «أن رجلًا مر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبول فسلم عيله فلم يرد عليه». أخرجه مسلم قال الترمذي إنما يكره إذا كان على الغائط أو البول ويكره التسليم على من في الحمام وقيل إن كانوا متزرين بالمآزر سلم عليهم وإلاّ فلا، ويكره التسليم على النائم والناعس والمصلي والمؤذن والتالي في حلال الصلاة والأذان والتلاوة ويكره الابتداء بالسلام في حال الخطبة لأن الجالسين مأمورون بالإنصات للخطبة ويكره أن يبدأ المبتدع بالتسليم عليه وكذلك المعلن بفسق وكذلك الظلمة ونحوهم فلا يسلم على هؤلاء.
المسألة الخامسة في حكم السلام على أهل الذمة:
اليهود والنصارى: اختلف العلماء فيه فذهب أكثرهم إلى أنه لا يجوز ابتداؤهم بالسلام.
وقال بعضهم إنه ليس بحرام بل هو مكروه كراهة تنزيه ويدل على ذلك ما وري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام وإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه» أخرجه مسلم وإذا سلم يهودي أو نصراني على مسلم فيرد عليه ويقول عليك بغير واو العطف، لما روي عن أنس أن يهوديًا أتى على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقال السلام عليكم فرد عليه القول فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل تدرون ما قال؟ قالوا الله ورسوله أعلم سلم يا بني الله قال لا ولكنه قال كذا وكذا ردوه على فردوه فقال: قلت السلام عليكم قال: نعم يا نبي الله فقال صلى الله عليه وسلم عند ذلك إذا سلم عليكم أحد من أهل الكتاب فقولوا عليك أي عليك ما قلت». أخرجه الترمذي فلو أتى بواو العطف وميم الجمع فقال عليكم جاز لأنا نجاب عليهم في الدعاء ولا يجابون علينا ويدل على ذلك ما روي عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر عليه ناس من اليهود، فقالوا السام عليك يا أبا القاسم فقال: «وعليكم» فقالت عائشة وغضبت ألم تسمع ما قالوا؟ قالوا بلى قد سمعت فرددت عليهم وأنا نجاب عليهم ولا يجيبون علينا أخرجه مسلم وإذا مر المسلم على جماعة فيهم مسلمون ويهود ونصارى يسلم عليهم ويقصد بتسليمه المسلمين لما روي عن أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على مجلس فيه أخلاط من المسلمين واليهود فسلم عليهم أخرجه الترمذي. اهـ.

.قال في الميزان:

الأمم والأقوام على اختلافها في الحضارة والتوحش والتقدم والتأخر لا تخلو في مجتمعاتهم من تحية يتعارفونها عند الملاقاة ملاقاة البعض البعض على أقسامها وأنواعها من الإشارة بالرأس واليد ورفع القلانس وغير ذلك، وهى مختلفة باختلاف العوامل المختلفة العاملة في مجتمعاتهم.
وأنت إذا تأملت هذه التحيات الدائرة بين الأمم على اختلافها وعلى اختلافهم وجدتها حاكية مشيرة إلى نوع من الخضوع والهوان والتذلل يبديه الدانى للعالي، والوضيع للشريف، والمطيع لمطاعه، والعبد لمولاه، وبالجملة تكشف عن رسم الاستعباد الذي لم يزل رائجا بين الأمم في أعصار الهمجية فما دونها، وإن اختلفت ألوانه، ولذلك ما نرى أن هذه التحية تبدأ من المطيع وتنتهى إلى المطاع، وتشرع من الدانى الوضيع وتختتم في العالي الشريف، فهى من ثمرات الوثنية التي ترتضع من ثدى الاستعباد.
والإسلام- كما تعلم- أكبر همه إمحاء الوثنية وكل رسم من الرسوم ينتهى إليها، ويتولد منها، ولذلك أخذ لهذا الشأن طريقة سوية وسنة مقابلة لسنة الوثنية ورسم الاستعباد، وهو إلقاء السلام الذي هو بنحو أمن المسلم عليه من التعدي عليه، ودحض حريته الفطرية الإنسانية الموهوبة له فإن أول ما يحتاج إليه الاجتماع التعاوني بين الأفراد هو أن يأمن بعضهم بعضا في نفسه وعرضه وماله، وكل أمر يؤول إلى أحد هذه الثلاثة.
وهذا هو السلام الذي سن الله تعالى إلقائه عند كل تلاق من متلاقيين قال تعالى: {فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة} [النور- 61] وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون} [النور- 27] وقد أدب الله رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بالتسليم للمؤمنين وهو سيدهم فقال: {وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة} [الأنعام- 54] وأمره بالتسليم لغيرهم في قوله: {فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون} [الزخرف- 89].
والتحية بإلقاء السلام كانت معمولا بها عند عرب الجاهلية على ما يشهد به المأثور عنهم من شعر ونحوه وفي لسان العرب: وكانت العرب في الجاهلية يحيون بأن يقول أحدهم لصاحبه: أنعم صباحا، وأبيت اللعن، ويقولون سلام عليكم فكأنه علامة المسالمة، وأنه لا حرب هنالك.
ثم جاء الله بالإسلام فقصروا على السلام، وأمروا بإفشائه. انتهى.
إلا أن الله سبحانه يحكيه في قصص إبراهيم عنه عليه السلام كثيرا: ولا يخلو ذلك من شهادة على أنه كان من بقايا دين إبراهيم الحنيف عند العرب كالحج ونحوه قال تعالى حكاية عنه فيما يحاور أباه: {قال سلام عليك سأستغفر لك ربى} [مريم- 47] وقال تعالى: {ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام} [هود- 69] والقصة واقعة في غير مورد من القرآن الكريم.
ولقد أخذه الله سبحانه تحية لنفسه، واستعمله في موارد من كلامه، قال تعالى: {سلام على نوح في العالمين} [الصافات- 79] وقال: {سلام على إبراهيم} [الصافات: 109] وقال: {سلام على موسى وهارون} [الصافات- 120] وقال: {سلام على ال ياسين} [الصافات- 130] وقال: {وسلام على المرسلين} [الصافات- 181].
وذكر تعالى أنه تحية ملائكته المكرمين قال: {الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم} [النحل- 32] وقال: {والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم} [الرعد- 24] وذكر أيضا أنه تحية أهل الجنة قال: {وتحيتهم فيها سلام} [يونس- 10]، وقال تعالى: {لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما} [الواقعة- 26]. اهـ.

.القراءات والوقوف:

قال النيسابوري رحمه الله:

.القراءات:

{ومن أصدق} وكل صاد ساكنة بعدها دال بإشمام الصاد الزاي: علي ورويس وحمزة غير العجلي. {حصرت صدورهم} وبابه مدغمًا: أبو عمرو وحمزة وعلي وخلف وابن عامر. وقرأ سهل ويعقوب والمفضل {حصرة صدورهم} بالنصب والتنوين.

.الوقوف:

{القرآن} ط لتناهي الاستفهام إلى الشرط. {كثيرًا} o {أذاعوا به} ط {منهم} ط {قليلًا} o {في سبيل الله} ج ط لأن قوله: {لا تكلف} يحتمل الاستئناف والحال أي قاتل غير مكلف. {إلاّ نفسك} ط لعطف قوله: {وحرض} على قوله: {فقاتل}. {المؤمنين} ج لأنّ {عسى} مستأنف لفظًا ومتصل معنى لأنه لترجية نجح ما أمر به. {كفروا} ط {تنكيلًا} o {نصيب منها} ط لابتداء شرط آخر مع واو العطف. {كفل منها} ط {مقيتًا} o {ردوها} ط {حسيبًا} o {إلا هو} ط {لا ريب فيه} ط {حديثًا} o {بما كسبوا} ط {من أضلّ الله} ط لتناهي الاستفهام إلى الشرط. {سبيلًا} o {في سبيل الله} ط {وجدتموهم} ص {نصيرًا} o ط {أو يقاتلوا قومهم} ط {فلقاتلوكم} ط {السلم} لا لأن ما بعده جواب {فإن}. {سبيلًا} o {قومهم} ط {أركسوا فيها} ج {ثقفتموهم} ط {مبينًا} o. اهـ.